يعد القرآن الكريم، النص الأكثر احتفالا بتقنية "التمثيل" في مختلف سوره وآياته، لأنه يريد أن يقدم للناس حقائقه مدعومة بأمثلة، يدرك الناس من خلالها أبعاد الرؤية التي يقدمها لهم. ومن ثم اشتمل القرآن الكريم على "المثل"، كما اشتمل على "التمثيل" فإن كان الأول جار على ألسنة العرب في جاهليتهم وإسلامهم، فإن التمثيل جديد عليهم، لأنه تقنية تستند إلى السرد، وتقدم الحدث في تركيبة لغوية وفنية، من شأنها أن تشكل "مشهدا" سهل المعاينة، سهل الإدراك، مع أنه ينفتح على التأويل المستمر، الذي يمكن أن تأخذ منه الأجيال المتتالية حاجتها بحسب المستجد من ظروفها الخاصة ونوازلها.
تحاول هذه الورقة التوقف عند الفروق بين "المثل" و"المثيل" اصطلاحا لبيان الفارق بينهما "وظيفيا" و"جماليا"، ثم الانتقال إلى "التمثل" باعتبارها "بعدا سرديا" يدرج حدثا تمثيليا في صلب النص قصد التجلية والتوضيح، وفتح الدلالة على التنوع والتعدد. كما تحاول الورقة الابتعاد عن التنظير لتقدم عملا تطبيقيا حيا في النص من خلال التعريف ب"المشهد" و "الشكل" و"المعنى"..
حبيب مونسي